أخت الرضا معصومة بعصمة الولاء
عابدة زاهدة تقية حوراء
وارثة الزكية الزهراء
كريمة تهدي الى العلياء
تهدي الى التوحيد والولاء
أسرى بها - سبحانه- الرحمان
لأكرم اللقاء
عروجها من طور جمكران
عروجها اسراء
مرقدها معطر بالروح والريحان
في روضة الايمان
في بقعة اعدها الرسول...
في تربة كرمها ببضعة البتول
لتنشر الضياء... وتبذر التوحيد والولاء
وتحفظ البذور في نماء
في روضة الايمان
*******
السلام عليك يا بنت موسى بن جعفر ورحمة الله وبركاته، سلام مسلم لامر الله في مودتكم على يقين ما اتى به جدكم محمد صلى الله عليه وآله وبه راض.
من مظاهر الشرف الذي غمر اهل البيت عليهم السلام ان الله تبارك وتعالى حباهم بالقاب خاصة، بعضها هبط اليهم من عنده جل وعلا، وبعضها فرض نفسه على قلوب الناس فجرى على السنتم فعرفوا بها واشتهروا.
والسيدة فاطمة المعصومة بنت الامام موسى الكاظم عليه وعليها السلام هي ربيبة بيت الرسالة، وسليلة الامامة ... هي الاخرى عرفت بألقاب كريمة خاصة تعلقت بها: منها لقب «المعصومة» وذلك لفرط تقواها وعفافها وطول نسكها وانشغالها بعبادتها، واحتجابها عن المعاصي والآثام فليس لها هم أو شغل الا بالطاعات، وذكر الله عزوجل في جميع حالاتها وأوقاتها.
وقد جاء لقب «المعصومة» في احدى الروايات القائلة ان اخاها الامام علي بن موسى الرضا سلام الله عليه قال: من زار المعصومة بـ«قم»، كان كمن زارني.
واللقب الشريف الذي حظيت به السيدة المكرمة فاطمة بنت الامام الكاظم عليهم السلام هو: كريمة اهل البيت، فقد توسل احد الصالحين بالائمة الاطهار عليهم السلام ان يتعرف على موضع القبر الشريف لمولاتنا فاطمة الزهراء صلوات الله عليها، فتلقى الجواب أن قبرها مخفي ليس مقدراً ان يظهر، فلكي لا يحرم المحبون من فيض زيارة قبرها فعليهم بزيارة قبر كريمة اهل البيت، فسأل من تكون هذه الكريمة على أهل البيت، فأجيب انها فاطمة بنت موسى بن جعفر، المدفونة بـ«قم» المقدسة.
وتلك كانت رؤيا صالحة، يصدقها واقع الايام، فالسيدة المعصومة معروفة بحسن استضافتها لأهل بلدتها وللوافدين عليها من طلبة المعارف وللعباد والناسكين والصالحين، حتى غدت قم حاضرة العلم ومركز حفظة الحديث، ومرتع الفقهاء والعلماء الفاضلين.
واللقب الشريف الآخر للسيدة فاطمة المعصومة هو: أخت الرضا... ولقب الرضا هو اللقب الالهي الشريف الذي حباه الله جل وعلا مولانا الامام علي بن موسى عليهما السلام وجرى على ألسنة الناس إعجاباً واقراراً ... وقد قيل لولده الامام محمد الجواد عليه السلام: ان قوماً من مخالفيكم يزعمون أن أباك انما سماه المأمون بـ«الرضا»، لما رضيه بولاية عهده. فقال عليه السلام راداً على ذلك: كذبوا - والله- وفجروا، بل الله تبارك وتعالى سماه «الرضا»، لأنه كان رضىً لله عزوجل في سمائه، ورضىً لرسوله والائمة من بعده في أرضه.
فسأل الراوي: ألم يكن كل واحد من آبائك الماضين رضىً لله تعالى ولرسوله وللأئمة عليهم السلام؟ فأجاب: بلى. فقال الراوي: فلم سمي ابوك من بينهم بـ «الرضا»؟ فقال الامام الجواد عليه السلام: لأنه رضي به المخالفون من اعدائه، كما رضي به الموافقون من أوليائه.
اجل - ايها الاخوة الاحبة- وقد عرف الائمة من بعده: الجواد والهادي والحسن العسكري عليهم السلام، كل واحد منهم في زمانه بكنية «ابن الرضا» فيما عرفت السيدة فاطمة المعصومة بـ«أخت الرضا».
ايها الاخوة المؤمنون ... لقد ثوت فاطمة المعصومة في مدينة «قم»، ففاحت هذه البلدة بعطر ولائي خاص، وسمت مكانتها، ونالها من الشرف ما نالها، اذ شرف المكان بشرف المكين، فطابت هذه البلدة بحفيدة المصطفى صلى الله عليه وآله، وأصبحت مأوي المؤمنين، وقد عبر عنها الامام الصادق عليه السلام بأنها مأوى الفاطميين، ومستراح المؤمنين، فيما عبر ابنه الامام الكاظم عليه السلام بقوله: قم عش آل محمد صلى الله عليه وآله، ومأوى شيعتهم. لعلمهما سلام الله عليهما ان هذه البلدة الطيبة ستصبح كذلك بعد أن تحتضن مرقد السيدة فاطمة المعصومة، وتكون مضيف العابدين وطلاب المعرفة والأدب ورواد الخير، وذلك ببركة ورود هذه السيدة الفاضلة على مدينة «قم» وحلولها دفينةً فيها، لتزهو بنفحات خاصة، فيسودها جو الشوق الى العبادة، وتلقي العلوم وإحياء شرائع الاسلام.
ومن قبل بشر النبي صلى الله عليه وآله بكرامة الله لهذه المدينة، حيث روي الشيخ المفيد في كتابه (الاختصاص)، ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: لما اسري بي الى السماء الرابعة... نظرت الى قبة من لؤلؤ، لها اربعة اركان واربعة ابواب، كأنها من استبرق اخضر، قلت: يا جبرئيل، ما هذه القبة التي لم ار في السماء الرابعة احسن منها؟ فقال: حبيبي محمد، هذه صورة مدينة يقال لها «قم»، يجتمع فيها عباد الله المؤمنون، ينتظرون محمدا وشفاعته للقيامة والحساب، يجري عليهم الغم والهم... والأحزان والمكاره.
نعم ... فالبلاء اعد للمؤمنين، ليرتقوا ويثابوا...
نتابع احباءنا بنقل كرامة اخرى من الكرامات التي ظهرت للمؤمنين ببركة التوسل الى الله عزوجل بمقام هذه السيدة الجليلة.
نقل مؤلف كتاب (كرامات معصومية) الشيخ مهدي اكبر بور ان احد المهاجرين العراقيين كان يقطن في مدينة قم المقدسة، وكان قد اصيبت والدته بمرض خطير لم تبرأ منه رغم كثرة الاطباء الذين راجعتهم ورغم كثرة الادوية التي كانوا يصفونها لمعالجتها، فيوفرها ابنها بصعوبة ولكنها تعجز عن معالجتها.
يقول هذا الاخ: حدث يوما ان وصف لي طبيب حاذق، فأصطحبت والدتي له وعاينها الطبيب ووصف لها علاجاً. ثم اني عدت بوالدتي الى البيت. وذهبت اثر ذلك للبحث عند الدواء الذي كتبه الطبيب وكان من الادوية النادرة، فما وجدته الا بعد عناء ومشقة.
ولما كنت في طريقي الى المنزل وقع بصري على قبة مرقد السيدة فاطمة المعصومة (سلام الله عليها) فالهم قلبي زيارتها والتوسل بها الى الله تعالى.
ويتابع هذا الاخ حديثه قائلاً: استجبت لهذا النداء القلبي وهذه الدعوة القدسية، فتوجهت الى الحرم المطهر، والقيت الدواء جانباً وخاطبت السيدة بلوعة:
يا سيدتي، لقد كنا في العراق نلجأ الى ابيك باب الحوائج الى الله في كل شدة وعسر، ونستشفع به الى الله تعالى في قضاء حوائجنا، فلا نعود الا وقد تيسر لنا عسيرها، وها نحن لا ملجأ لنا هنا الاك، وها انا أسألك ان تشفعي في شفاء امي مما الم بها فاني يشق علي مشاهدة ما تعانيه.
خرج هذا الابن من حرم السيدة الجليلة وكله امل برحمة الله عزوجل وان الله قد استجاب لتوسله. وهذا ما حصل بالفعل، قال: لقد من الله تعالى بالشفاء على والدتي في نفس ذلك اليوم ببركة بنت باب الحوائج موسى بن جعفر عليهما السلام، فاستغنينا عنه ذلك الدواء وعن غيره والحمدلله رب العالمين.
رزقنا الله واياكم صدق التوسل الى الله عزوجل بمن امر بالتوجه بهم اليه احب الخلق اليه محمد وآله صلوات الله عليهم اجمعين.
اللهم آمين، الى موعد لقاءنا المقبل نستودعكم الله اعزاءنا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******