يا زائراً سلطان طوس... يا زائراً شمس الشموس
عرج على بيت عتيق... وسط الطريق
بيت لبضعة فاطم في ارض قم... حر طليق
بيت سماوي عريق
بيت الغريبة فاطم اخت الرضا بدر البدور
ذي فاطم من فاطم شمس ونور
الام نور الله نور مستطير
نور تجلى في الكواكب والبدور
في عش آل المصطفى قمر منير
قمر الرضية فاطم اخت الرضا بدر البدور
مشكاته تأبى الافول
تدعو لعلياء البتول
*******
السلام عليك يا بنت رسول الله... يا فاطمة بنت موسى بن جعفر عرف الله بيننا وبينكم في الجنة وحشرنا في زمرتكم واوردنا حوض نبيكم وسقانا بكأس جدكم من يد علي بين ابي طالب.
بسم الله الرحمن الرحيم... الحمد لله مغدق النعم، وازكى الصلاة والسلام على النبي المصطفى وآله سادة الأمم.
ايها الاخوة الاعزة... ان أهل بيت الوحي وأولادهم الطاهرين... هم أعظم شأناً من أن تحويهم الألفاظ والأفكار، بل الالفاظ والافكار لتنحسر مبهوتةً من انوارهم، خجلى من جلالتهم. ومن اولاد اهل بيت العصمة والطهارة مولاتنا فاطمة بنت الامام موسى بن جعفر الكاظم عليهم السلام جميعاً، المعروفة بـ«فاطمة المعصومة» نزيلة «قم»، البلدة التي تشرفت بها فكان لها ذلك الشأن السامي حتى اصبحت «عش آل محمد» صلوات الله عليهم. ونعلم جميعاً - أيها الاخوة الاكارم- ان العش هو المكان المخصوص الذي تصنعه الطيور لتأوي اليه وتضع بيضها، ثم ليكون منه أفراخها فترعاهم وتزقهم الطعام حتى ينموا ويكبروا ويصبحوا قادرين على الطيران والتحليق في جو السماء وآفاق الدنيا.
وكذا أصبحت «قم» ببركة مولاتنا «فاطمة بنت الامام الكاظم» عليهما السلام، تحتضن شيعة آل محمد ومواليهم، فتزقهم العلم الصحيح، فيتربون في كنفها المبارك، ينهلون منها تعاليم أهل البيت عليهم السلام، ويترعرعون عليها حتى يتخرجوا من هذه المدرسة المقدسة، فينتشروا في أرجاء الارض وأنحائها باثين المعارف المحمدية والعلوم القرآنية والفضائل والمناقب والأحكام وما استقوه من أنوار آل محمد صلوات الله عليهم، ملبين بذلك نداء الله جل وعلا: «فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون».
وقد حظيت مدينة «قم» المقدسة بهذا الشرف، بعد أن حباها الله تبارك وتعالى ان جعلها مثوى السيدة العلوية الطاهرة فاطمة المعصومة فكانت وما تزال المأوى والملاذ، ومرتع العلم والأدب ومربع الايمان والمعرفة، ومطاف العبادة والنسك والجلال الالهي... وفيها يقول الشاعر الأديب:
ولتباهي بفاطم أرض «قم»
ولها الفخر والثناء المكرر
أصبحت جنة الحياة وتدعى
عش آل الرسول في الدهر تذكر
حوزة العلم في حماها تجلت
بالأساطين والمراجع تزخر
اخوتنا الأحبة... السيدة فاطمة المعصومة «عليها السلام»، ولدت في بيت لا يتنفس فيه الا عبير التقى، ولا يرتضع منه الا لبان الايمان، ولا يتربى الا على نهج القرآن، ولا ينهل فيه الا من رواء العلم والمعرفة، ولا يطعم فيه الا من رياض الخلق والادب والطهر والنور والعفاف.
في ذلك البيت القدسي، مهبط الوحي والرسالة، وموضع النبوة والامامة، ومحل الجلال والكرامة... كانت ولادة السيدة المكرمة فاطمة المعصومة، في المدينة المنورة، وفي غرة ذي القعدة الحرام من سنة ثلاث وسبعين ومئة من الهجرة النبوية المباركة فازدهى بيت الامام موسى الكاظم عليه السلام بهذه البنت الطيبة، والنبعة المباركة الشريفة من سلالة المصطفى صلى الله عليه وآله، ولكنها سلام الله عليها ولدت كاليتيمة، فلم يتمتع ناظراها الكريمان بالوجود الشريف لأبيها الامام الكاظم عليه السلام اذ كان أودع سجون هارون الرشيد في البصرة وبغداد سنين طوالاً فارقته خلالها السيدة فاطمة المعصومة ابنته، فعاشت منذ طفوليتها البريئة لوعة اليتم والحنين الى والدها حتى حرمت منه بشهادته عليه السلام في الخامس والعشرين من شهر رجب عام ثلاثة وثمانين ومئة من الهجرة متأثراً بالسم المدسوس اليه في سجن السندي بن شاهك ببغداد، فدفن بجانب الكرخ من بغداد، في مقابر قريش، بمنأى عن أهله وعياله وموطنه... شهيداً غريباً مظلوماً، تناجيه دموع آل هاشم وحسراتهم وزفراتهم، ومنهم أولاده وبناته في المدينة، احداهن فاطمة المعصومة التي تقطع فؤادها حزناً على ابيها، وعاشت مرارة الفراق التي اذابت قلبها الصغير لولا أن ضمها اخوها الامام الرضا عليه السلام الى كنفه، فعاشت في ظل حنانه وعطفه ورعايته.
ومع شدة الظروف التي عاشتها السيدة فاطمة المعصومة سلام الله عليه، ومعاناة التضييق على اسرتها من قبل السلطة العباسية، الا انها لم تتخلف عن أخذ العلم وتناوله وبثه، وحفظ روايات آبائها الائمة الطاهرين... التي يقول فيها الامام الصادق عليه السلام: أحاديثنا تعطف بعضكم على بعض، فأن اخذتم بها رشدتم ونجوتم وان تركتموها ضللتم وهلكتم، فخذوا بها وأنا بنجاتكم زعيم.
وكانت السيدة فاطمة بنت الامام الكاظم عليهما السلام ممن أخذت بأحاديث النبي وآله صلوات الله عليهم، وحدثت بها... ففي كتاب (المسلسلات) لأبي محمد جعفر بن أحمد القمي (أحد علماء القرن الرابع البحري) جاء انها عليها السلام حدثت عن عماتها منتهيةً بجدتها فاطمة الزهراء عليها السلام.
الفقرة التالية في هذا البرنامج هي الخاصة بكرامات هذه السيدة الجليلة، وقد تواتر ظهور الكرامات الالهية في مزارها المبارك حتى ألفت فيها عدة كتب منها كتاب «كرامات معصومية» للشيخ علي اكبر مهدي بور ومنه ننقل قضية الشيخ الشاب حمزة الاذربيجاني التي نقلها ايضاً آية الله الشيخ ناصر مكارم الشيرازي من مراجع التقليد في قم في احد خطاباته.
وملخص القضية هو ان الشيخ حمزة شاب من اهالي نخجوان جاء ضمن مجموعة من الشباب الآذربيجانيين الى قم المقدسة لدراسة العلوم الدينية في حوزتها وذلك بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وزوال القيود الخانقة على المسلمين في تلك الديار.
كانت احدى عيني حمزة معيوبةً لا يبصر بها، وكان عيبها ظاهراً للعيان لكن شوقه لدراسة العلوم الدينية كان اقوى من هذا العيب الظاهري، ولذلك فقد تغلب على التردد الاولي الذي ظهر لدى المسؤولين الذين ذهبوا الى آذربيجان لترتيب مجئ هؤلاء الشباب الى حوزة قم.
عندما وصلوا الى طهران اجريت لهم مراسم استقبال حافلة تم تصويرها في فيلم اشتمل على مقطع ركز فيه المصور-ولسبب ما- على عين حمزة المعيوبة- وصورها في عدة لقطات اخرى خلال مراسم الاستقبال وبصورة ملحوظة.
وكانت ادارة المدرسة الدينية التي سكن فيها هؤلاء الطلبة الجدد قد حصلت على نسخة من هذا الفيلم وقد عرضته في احد الايام على الطلبة ضمن مراسم خاصة، بهدف الترفيه عنهم، ولكن مالاحظه الجميع من تركيز المصور على عين حمزة المعيوبة مرارا قد آذى هذا الشاب الفتى كثيراً خاصة مع حضور عدد كبير من زملائه في الدراسة وغيرهم، فاصابه خجل شديد امام الحاضرين.
لقد تفاعل الخجل ونظرات بعض الحاضرين الخاصة لهذا الشاب في نفسه الى درجة جعلته يقرر العودة الى بلاده وترك الدراسة خشية ان يصبح مثار سخرية زملائه.
جمع حمزة لوازمه استعداداً للعودة السريعة، وذهب اولاً الى حرم السيدة فاطمة المعصومة لتوديعها. زارها بقلب منكسر وذرف دموعاً حارةً على ضريحها وناجاها بلوعة قائلاً: يا سيدتي يا بنت باب الحوائج لقد قطعت مئآت الاميال من اجل ان ادرس في جوارك واصبح مبلغاً لدين جدك المصطفى ولكن لا طاقة لي على تحمل مثل هذا الاستهزاء فاعذريني انا مضطر للعودة الى بلدي والحرمان من نعمة جوارك، ثم ودعها عائداً الى المدرسة، فالتقى وهو يخرج من الصحن الشريف بأحد زملائه في المدرسة فسلم عليه لكنه استغرب برود صاحبه في الرد على سلامه بصورة وكأنه لا يعرفه فناداه حمزة باسمه فاستغرب صاحبه وقال بدهشة: أأنت حمزة؟ قال ذلك وهو يتأمل باستغراب في وجه صاحبه وعينه بالخصوص، استغرب حمزة من هذا السؤال من زميله، وقال: نعم، انا حمزة ما بالك؟ اجاب زميله يا عجباً مما ارى،كيف اصبحت عينك المعيوبة سالمة مبصرة؟
وهنا فطن حمزة الى ما من الله تعالى به عليه ببركة هذه الامة الصالحة سلام الله عليها، وحتى دون ان يطلب منها، فكأنها (عليها السلام) لم تمسح بيده الامل على قلبه الحزين وحسب، ولم تمسح بيد الشفاء على عينه وحسب بل اهدته بطاقة الاستمرار في دراسته المباركة والبقاء في ضيافتها.
استمر حمزة في دراسته الدينية وقد اصبح احدى المعجزات الالهية المتحركة، فقد طالب اهالي بلدته عندما سمعوا بهذه الكرامة المعصومية ان يزورهم احتفاءً به كمظهر واضح للرأفة الرحيمية.
وقد صور فيلم آخر لهذا الشاب بعد شفائه ملحق بالفيلم السابق ومعه شهادات اكثر من مائة من زملائه الآذربيجانيين بهذا الخصوص.
نستودعكم الله بكل وخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******