وقال الأحمر في مستهلّ رسالته: إنّ الأقصى يتعرّض لاعتداءات غير مسبوقة، خاصة ما يتعلق بفرض الصلوات والطقوس اليهودية فيه، بصورة لم يشهدها منذ احتلاله عام 1967.
ولفت إلى أنّ "جماعات المعبد" المتطرفة استغلّت موسم الأعياد اليهودية الحاليّ، ووضعت نصب أعينها هدفًا يتمثل بإقامة الطقوس اليهودية علنًا في الأقصى، ونفخ البوق، وتقديم القرابين النباتية فيه، وصولًا إلى السجودِ الكامل على الأرض، داعيةً جمهور المستوطنين إلى المشاركة الكثيفة في هذه الطقوس، مدعيةً أنّه لا توجد أي معوّقات تمنع مقتحمي الأقصى من أداء الصلوات في الأقصى، سواء من الأوقاف الإسلامية، أو من شرطة الاحتلال.
وأضاف: "هذه التطورات الخطيرة تحصل تحت رعاية الشرطة الإسرائيلية التي حظيت بتكريم "جماعات المعبد". ولا شك في أنّ سلوك الشرطة الإسرائيلية الذي تطور من منع الطقوس اليهودية في الأقصى إلى السماح بها، وحماية من يقوم بها، ليس بعيدًا من تطور المواقف السياسية الإسرائيلية التي تصبُّ في خانةِ تمكين المتطرفين الصهاينة من اقتحام الأقصى، والصلاة فيه في كلّ الأوقات، وبلا قيود".
وبيّن الأحمر أنّ هذا التمادي الإسرائيلي الخطير يحدث في إطار ضعفٍ ملحوظ في أداء الأوقاف الإسلامية في القدس؛ إذ تحوَّل حراس الأقصى التابعون لها إلى متفرجين فقط على استباحة الأقصى، بعدما كانوا خطَّ الدفاع الأول عنه، في حين زاد من تراجع دور الحراس، قرار مدير دائرة الأوقاف عن منع أي حارس أو موظف فيها من تصوير اقتحامات الأقصى والاعتداءات عليه، ومنعهم من أي تصريح، أو نشر أخبار تتعلق بالمسجد، وهذا شجّع قطعان المستوطنين على إقامة طقوسهم، وتنفيذ اعتداءاتهم على المسجد بلا رقيب ولا حسيب.
وحذّر من أنّ اعتداءات الاحتلال، وشرطته، ومنظّماته، ومستوطنيه بلغت حدًّا يهدد هوية المسجد في صميمها، ويهدد حصرية المسؤولية الإسلامية عنه، ممثلة بدور الأردن الذي حمل أمانة شؤون إدارة شؤون المسجد، ورعايته، والدفاع عنه طوال العقود الماضية، مؤكّدًا أنَّ هذا التهديد يجب أن يُقابَل بموقف أردني رسمي وشعبي حازم، متسلّح بأوراق القوّة الموجودة، وفي طليعتها التفاف الأمة حول حقِّها الحصريِّ بالمسجد الأقصى وإدارته، وهذا الموقف يشتد قوةً إذا رافقته قرارات تتعلق بمراجعة حقيقية لجدوى العلاقة مع الاحتلال الغاشم، وإعادة النظر في بنية الأوقاف وهيكليتها، وتمكينها من كل ما يسندها في حماية الهوية الإسلامية للمسجد الأقصى في إطار إستراتيجية مواجهة تستجيب لهذا التحدي الوجودي بما يناسبه، بالاستناد إلى نضالِ الشعب الفلسطيني الذي لا يتوقف دفاعًا عن أقصاه، وتفاعل شعوب الأمة المستمر مع قضية الأقصى.
وقال الأحمر: "إنّنا نكتب إلى جلالتكم من موقع التقدير والمسؤولية التي تقتضي التوقّف أمام الأخطار المحدقة بكل وضوح وصراحة، إنّ التراجعات التي فرضها الاحتلال على الأوقاف الإسلامية في القدس قد وصلت إلى إعادة تعريف دورها وعلاقتها بالأقصى باعتبارها تدير "الحضور الإسلامي" في الأقصى ولا تدير المسجد الأقصى بذاته؛ وهي المهمّة التي باتت تتولاها شرطة الاحتلال بشكلٍ لا يخفى، وهو عدوان صهيوني سافر على دور الأردن وأمانته التاريخية تجاه المقدسات، وهو ما يحتم ضرورة التوقف عند هذه التطورات الخطيرة بما تستحقّ".