و بعد حصوله على الضوء الأخضر من إدارة يوفنتوس لتأمين مستقبله في مكان آخر، ليظفر اليونايتد بكبرى صفقاته منذ زمن بعيد وثالث صفقاته الرنانة هذا الموسم، بعد التوقيع مع الانكليزي اليافع جادون سانشو ومدافع ريال مدريد السابق رافاييل فاران، وذلك مقابل رسوم بلغت 15 مليون جنيه استرليني تدفع بالتقسيط المريح على 5 سنوات، بالإضافة إلى 8 ملايين أخرى في صورة متغيرات.
انهيار الطموح
وكانت أغلب المؤشرات والتوقعات تشير إلى اقتراب نهاية مغامرة صاروخ ماديرا في تورين، رغم مبالغة نائب رئيس النادي بافيل نيدفيد والمدرب ماكس أليغري، في نفي وتكذيب ما كان يتردد عن مستقبل النجم الكبير، أو بالأحرى عن الرغبة المشتركة بينه وبين النادي في الانفصال، منها لحاجة الإدارة للتخلص من راتبه الضخم، لتخفيف فاتورة الأجور بعد وصول الخسائر إلى أرقام غير مسبوقة في الشهور الماضية، وأيضا لانتهاء طموح الأيقونة في «يوفنتوس آرينا»، لا سيما بعد العودة إلى المربع صفر، بالموافقة على إعادة أليغري، رغم الحساسية المفرطة في العلاقات بينه وبين كريستيانو، منذ أن تسبب الأخير في قرار طرده، في أعقاب مشاهد اعتراضه على أسلوب اللعب في مباراة الهزيمة أمام أياكس أمستردام في ربع نهائي دوري الأبطال في نسخة 2019، والأكثر تعقيدا، اكتفاء أندريا أنييلي وباقي أصحاب القرار بصفقة لوكاتيلي، وذلك في الوقت الذي يحتاج فيه مشروع أليغري دماء جديدة في عدة مراكز، أهمها مركزي الظهير الأيمن والأيسر، بعد ظهور معاناة ونقطة ضعف الفريق في المركزين على مدار الموسم الماضي، الأمر الذي عجل بانقلاب صاروخ ماديرا على ناديه الإيطالي، بالتقدم بطلب رسمي للسماح له بالخروج قبل غلق نافذة انتقالات اللاعبين الصيفية، بدلا من الانتظار لعام آخر، بعد استقراره على الرحيل، لعدم تحقيق الهدف الأهم والمشترك مع السيدة العجوز، بفك عملها الأسود مع كأس دوري أبطال أوروبا، ليطوي صفحة أخرى مضيئة في رحلته الأسطورية، بنجاحات لا يستهان بها سواء على صعيد الأرقام الفردية أو الألقاب الجماعية، أبسطها توقيعه على 101 هدف من مشاركته في 118 مباراة، إلى جانب حصوله على جائزة هداف الكالتشيو، ليصبح أول لاعب يفوز بالجائزة في أقوى 3 دوريات في أوروبا، بعدما فعلها من قبل مع مانشستر يونايتد في البريميرليغ وريال مدريد في الليغا، غير أنه أضاف إلى أرشيفه 5 ألقاب في جنة كرة القدم، بواقع لقب السيريا آه في مناسبتين ومثلهما السوبر المحلي وواحدة كوبا إيطاليا.
الفرصة الأخيرة
ربما على الورق، يبدو أنه كان من الأفضل لكريستيانو الذهاب إلى مانشستر سيتي، ليغرق في هدايا كيفن دي بروين ورياض محرز وإلكاي غندوغان وباقي رجال المدرب بيب غوارديولا، على الأقل، كان سيضمن الصمود والوقوف على مسافة قريبة من الغريم ليونيل ميسي، الذي فضل الاختيار الأسهل والأكثر ترفيها ومتعة برفقة نجوم العالم بقميص باريس سان جيرمان، لكن هناك أسباباً أخرى جعلت هداف الريال التاريخي يراجع حساباته بعد دخول ناديه السابق على الخط، منها عدم وجود ما يستدعي لشراء عداء وكراهية الجماهير، التي كانت سببا في وضعه على طريق النجومية بشكل حقيقي على مدار ست سنوات، وذلك في محطته الأخيرة في أعلى مستوى تنافسي في كرة القدم الأوروبية.
ومن حُسن الحظ، أنه اختار العودة في الوقت الذي يحلم فيه أولي غونار سولشاير بلاعب فذ بقيمة وتأثير زميله السابق في الملاعب، ليلعب دور الملهم والقائد، لوضع نجوم هذا الجيل على الطريق الصحيح، أو بمعنى أكثر شفافية، لينهي حرج المدرب الاسكندينافي أمام الإدارة والجماهير، باقترابه من كسر حاجز الثلاث سنوات، بدون أن يقود النادي ولو لبطولة واحدة، وكما يوجد أسماء بجودة عالية في قوام الفيلسوف الكتالوني، فهناك أيضا كفاءات وخبرات وطاقة متفجرة لا تقل كثيرا عن غريم المدينة، في وجود معاونه في المنتخب برونو فيرنانديز والجناح الطائر على اليمين جادون سانشو، وعلى اليسار لوك شاو، ناهيك عن أصحاب الحلول الفردية من العمق، كبول بوغبا، الذي تظهر قيمته وموهبته مع نجوم الصف الأول، كما أثبت من قبل مع يوفنتوس ويثبت دوما في التجمعات المهمة لمنتخب بلاده، وبنفس الأهمية، سينتظر الدون الكثير من ماركوس راشفورد وإدينسون كافاني في تحركاتهما بدون كرة، ليبقي على هوايته المفضلة دائما وأبدا، بالاحتفال بهز شباك الخصوم، ما يعني أن رونالدو، أحسن اختيار وجهته الجديدة، ليبقي على آماله في القتال على كل البطولات الجماعية والفردية لعامين قادمين على أقل تقدير، بالمثل مع ليو المرتبط مع العملاق الباريسي لنفس المدة.
أهداف بالجملة
بإلقاء نظرة على أبرز الأهداف والطموحات التي يسعى إليها صاحب الـ36 عاما بعد عودته إلى مانشستر يونايتد، سنجد منها إفحام أكذوبة الاتحاد التشيكي لكرة القدم، بأن أسطورتهم جوزيف بيكان، ختم مسيرته بعمر 42 عاما وفي سجله 805 أهداف، في ما يعتبرونه اللاعب الوحيد الذي حطم الـ800 هدف. وفي كل الأحوال، لم يعد أمام الأسطورة الحية سوى 17 هدفا لمعادلة رقم هداف الزمن القديم، بوصول عدد أهدافه مع فرقه ومنتخب بلاده لـ783 هدفا، منها 111 هدفا مع منتخب بلاده، آخرها ثنائيته في مباراة الأسبوع الماضي أمام أيرلندا، التي نصبته ملكا للهدافين على الصعيد الدولي، بفارق هدف عن الإيراني علي دائي.
وفي وجود هذا الكم الوفير من صناع ومفاتيح لعب في تشكيلة سولشاير، ففي الغالب سينتهي ادعاء الاتحاد التشيكي قبل نهاية الموسم، وتشمل قائمة التحديات، الفوز بلقب البريميرليغ للمرة الرابعة في مسيرته، بعد الاحتفاظ باللقب الأشهر والأغنى عالميا 3 مرات على التوالي في سنواته الأخيرة مع أليكس فيرغسون، قبل بيعه لريال مدريد مقابل 100 مليون يورو عام 2009، وستكون بطولة مختلفة بالنسبة للنجم البرتغالي والمشجعين، كونها الأولى منذ تقاعد شيخ المدربين لحظة التتويج باللقب الـ21 والأخير في نسخة 2012-2013.
وعلى سيرة الاختلاف، سيكون من أهداف رونالدو، كسر الرقم القياسي المسجل باسم وين روني، كأفضل هداف في تاريخ الشياطين الحمر بـ253 هدفا، وبلغة الأرقام يحتاج على الأقل محاكاة تجربته الأخيرة مع يوفنتوس، بتخطي حاجز الـ100 هدف في ثلاث سنوات، وتحديدا 135 هدفا تضاف إلى أهدافه الـ118 التي سجلها في فترته الأولى من مشاركته في 292 مباراة، قبل أن يتحول من مراهق سريع يعشق استعراض موهبته على الأطراف إلى جلاد لا يعرف الرحمة أمام المرمى.
عودة الليالي الخوالي
واحدة من أكثر الأمور السلبية التي فتحت المجال أمام التشكيك في مستقبل رونالدو قبل فترة طويلة من الانفصال، ما أثير استنادا إلى تسريبات كانت تتحدث عن ضيق كريستيانو من انخفاض طموح يوفنتوس ولاعبيه، خاصة في مباريات دور مجموعات أبطال أوروبا، حيث يشعر دوما أن المجموعة لا تساعده على تحقيق أهدافه وتطلعاته الشخصية، على الأقل بزيادة غلته التهديفية في بطولته المفضلة، ليبقى متربعا على عرش صدارة الهدافين التاريخيين، بينما على أرض الواقع، يكتفي الفريق بتسجيل هدف أو اثنين، وفي بعض الأحيان يعاني الأمرين لتأمين النقاط الثلاث، على عكس الوضعية التي كان عليها مع ريال مدريد، باللعب مع رفقاء لا يتوقفون عن الفوز وتسجيل الأهداف في ذات الأذنين، وهذا الأمر بالتحديد، عرقل صاحب القميص رقم 7 في معركته مع ميسي في ما يخص الأكثر تسجيلا للهاتريك في الأبطال، بتوقفه عند الهاتريك الثامن منذ ليلة انفجاره أمام أتلتيكو مدريد في إياب ثمن نهائي 2019، مثل البرغوث، الذي تمكن من معادلة هذا الرقم مؤخرا، ويبقى الهدف المشترك والأهم بين كريستيانو واليونايتد وأنصاره، هو الفوز بدوري أبطال أوروبا، لرفع الحرج عن الجماهير، بتقليل الفجوة في عدد مرات رفع ذات الأذنين مع غريم الشمال ليفربول، بعد وصول الأخير للقبه السادس، مقابل ثلاثة ألقاب لليونايتد، آخرها لقب موسكو عام 2008، الذي تحقق على حساب تشلسي بمساعدة ركلات الترجيح في وجود كريستيانو، فهل سيكون اليونايتد وعشاقه على موعد مع مثل هذه الليالي الخوالي بعد عودة الابن الضال وتدعيم التشكيل الأساسي بخبرات فاران في الدفاع وطاقة سانشو في الهجوم؟ هذا ما سيجيب عليه المدمر ورفاقه الجدد، ليحقق الجزء الأكبر من أهدافه حتى 2023، بما في ذلك تحدي الفوز بجائزة «الكرة الذهبية» كأفضل لاعب في العالم من مجلة «فرانس فوتبول»، ليتساوى مع ليونيل ميسي بالفوز بها 6 مرات.