وفي هذه اللحظات أعيد نشر مقالي الذي كتبتُهُ ذات يوم عن هذا الرجل الشجاع، ولكم جزيل الشكر على حسن القراءة والإهتمام : ناجي العلي «حنظلة» فلسطين: التحدّي قائم والمسؤوليّة تاريخيّة
كيف تمرُّ علينا ذكرى إطلاق النار على رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي في لندن واغتياله في 22 تموز عام 1987 مروراً سريعاً لا نلتفت فيه إلى أهمية صاحب الذكرى وخطورة الحدث وتداعياته على قضية فلسطين التي عاش واستشهد في سبيلها هذا المناضل الكبير.
من موقع الالتزام بقضية فلسطين العادلة والمشروعة التي حملها شهيدنا البطل بشجاعة وإبداع، أرسم بالكتابة عن الذي رسم بدم شهداء فلسطين والأمة وبعرق الفقراء والمساكين وبروح الطفل (حنظلة) الذي رفض أن يكبُرَ حتى يعود إلى وطنه فلسطين الذي اقتُلع منه عام 1948 وهو في سن العاشرة من عمره، والذي قال عنه ناجي العلي: هذا المخلوق الذي ابتدعتُه «حنظلة» لن ينتهي من بعدي بالتأكيد، وربما لا أبالغ إذا قلت إنني قد أستمرُّ به بعد موتي.
لقد تميّز هذا الشهيد البطل بالنقد اللاذع دفاعاً عن فلسطين والقضايا العربية والإنسانية المحقة وابتدع شخصية «حنظلة» كرمز للفلسطيني المعذّب والقوي رغم كلّ الصعاب التي تواجهه فهو شاهدٌ صادقٌ على الأحداث ولا يخشى أحداً في قول كلمة الحق، رافضاً التسوية مع العدو الصهيوني الإرهابي المجرم ومتمسّكاً بهويته النضالية وبالعمل من أجل تحرير كامل التراب الفلسطيني.
وبذلك أصبح ناجي العلي هو حنظلة وحنظلة هو ناجي العلي إلى أن امتدّت يدُ الغدر والعدوان فاغتالته في لندن في 22 تموز عام 1987 وكان في عزّ عطائه ونضاله وفي الخمسين من عمره.
ناجي العلي قدّم نفسه بعبارات بسيطة وصادقة أعلن فيها التزامه التمرّد والصدق «واللي بدّو يزعل يروح يبلّط البحر»، وقال: أنا أعوذ بالله من كلمة أنا... إسمي «حنظلة»، إسم أبي مش ضروري، أمي إسمها نكبة، ونمرة رجلي ما بعرف لأني دائماً حافي... أما لماذا يأخذ «حنظلة» دور الطفل، لأنّ الطفولة هي رمز الصدق والبراءة والحقيقة.
لقد ابتدع ناجي العلي ذلك الطفل «حنظلة» لأنه يذكّره بطفولته بعد اقتلاعه من أرضه الحبيبة فلسطين ولجوئه مع أهله إلى مخيم عين الحلوة في الجنوب اللبناني.
ومن مقولات ناجي العلي:
– أخشى ما أخشاه أن تصبح الخيانة وجهة نظر.
– اللي بدّو يكتب لفلسطين، واللي بدّو يرسم لفلسطين، بدّو يعرف حالو: ميّت.
– هكذا أفهم الصراع: أن نصلب قاماتنا كالرماح ولا نتعب.
– الطري.
– الطريق إلى فلسطين ليست بالبعيدة ولا بالقريبة، إنها بمسافة الثورة.
– متهم بالانحياز، وهي تهمة لا أنفيها، أنا منحاز لمن هم «تحت».
– أن نكون أو لا نكون، التحدّي قائم والمسؤولية تاريخيّة.
في يوم 4/ 7 /1987 رسم ناجي العلي كاريكاتوراً عليه «مطلوب حيّاً أو ميتاً» ، وبعد 18 يوماً من هذا التاريخ اخترقت الرصاصة وجه الفنان الكبير.
في هذه الذكرى الأليمة نؤكد أن الشهيد ناجي العلي «حنظلة» القضية الفلسطينية سيبقى يحرك فينا روح الشجاعة والنضال من أجل تحرير فلسطين وعاصمتها القدس عاصمة الأرض والسماء، وأنّ التهويد الصهيوني الإرهابي المجرم إلى زوال طال الزمنُ أم قصُر.
كما أنّ الجولان السوري المحتلّ سيعود حتماً وسيكون في وسط سورية.
وفي هذا السياق الإيماني والتاريخي والاستراتيجي المتفائل فإنّ الاحتلال الصهيوني لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا إلى زوال حتماً.
وبعبارة واحدة: سيبقى الشهيد ناجي العلي فينا وينتصر.
بقلم : د جمال شهاب المحسن
إعلامي وباحث في علم الاجتماع السياسي