وقد دعا الإمامُ الحسين أخاه العبّاس (عليهما السلام) وضمّ إليه ثلاثين فارساً وعشرين راجلاً، وبعَثَ معهم عشرين قربةً في جوف اللّيل حتّى دنوا من الفرات، وقد تقدّمهم نافع بن هلال المراديّ وهو من أفذاذ أصحاب الإمام الحسين، فاستقبله عمرو بن الحجّاج الزبيدي وهو من مجرِمِي حرب كربلاء، وقد عُهِدت إليه حراسةُ الفرات.
فقال اللعينُ لنافع: ما الذي جاء بك؟. فقال: جئنا لنشرب الماء الذي حلأتمونا عنه –أيْ منعتمونا وحرمتمونا منه-. فقال: اشربْ هنيئاً. فأجاب: أأشرب والحسينُ عطشان، ومَنْ ترى من أصحابِه؟! فقال له: لا سبيل إلى سقي هؤلاء، إنّما وُضِعنا بهذا المكان لمنعهم عن الماء.
ولم يُعنَ به الأبطالُ من أصحاب الإِمام الحسين (عليه السلام)، وسخروا من كلامه فاقتحموا الفرات ليملأوا قِرَبَهم منه، فثار في وجههم عمرو بن الحجّاج ومعه مفرزةٌ من جنوده، والتحم معهم بطلُ كربلاء أبو الفضل العبّاس (عليه السلام) ونافع بن هلال، ودارت بينهم معركة إلّا أنّه لم يُقتَلْ فيها أحدٌ من الجانبَيْن، وعاد أصحاب الإمام بقيادة أبي الفضل (عليه السلام) وقد ملأوا قِرَبَهم من الماء وهذه المرة الثانية التي اقتحم ابها ابو الفضل العباس عليه السلام المشرعة وجلب الماء .
وقد مُنِحَ أبو الفضل العبّاس (عليه السلام) منذ ذلك اليوم لقب "السقّاء" وهو من أشهر ألقابه وأكثرها ذيوعاً وشيوعاً بين الناس، كما أنّه من أحبّ الألقاب وأعزّها إلى نفسه.
المصدر: العتبة العباسية المقدسة