إن كان عندك عبرة تجريها *** فانزل بأرض الطف كي نسقيها
فعسى نبلُّ بها مضاجع صفوةٍ *** ما بلت الأكباد من جاريها
ولقد مررت على منازل عصمة *** ثقل النبوة كان ألقي فيها
فبكيت حتى خلتها ستجيبني *** ببكائها، حزناً على أهليها
وذكرت إذ وقفت عقيلة حيدر *** مذهولة تصغي لصوت أخيها
بأبي التي ورثت مصائب أمها *** فغدت تقابلها بصبر أبيها
لم تله عن جمع العيال وحفظهم *** بفراق إخوتها وفقد بنيها
لن أنس إذ هتكوا حماها، فانثنت *** تشكو لواعجها إلى حاميها
تدعو فتحترق القلوب كأنما *** يرمي حشاها جمرهُ مِن فيها:
هذي نساؤك من يكون إذا سرت *** بالأسر سائقها ومن حاديها
أيسوقها زجر بضرب متونها *** والشمر يحدوها بسبِّ أبيها
عجباً لها بالأمس أنت تصونها *** واليوم آل أميةٍ تبديها
حسرى وعزَّ عليك أنْ لم يتركوا *** لك من ثيابك ساتراً يكفيها
وسروا برأسك في القنا وقلوبها *** تسمو إليه ووجدها يُضنيها
إنْ أخَّروه شجاه رؤية حالها *** أو قدموه فحاله يُشجيها