وأصبحت عواصم خمس ولايات أفغانية تحت سيطرت الحركة، منذ يوم الجمعة في هجوم سريع شكّلا ضغطا كبيرا على القوات الحكومية.
وأكد نواب ومصادر أمنية وسكان أن مدن قندوز وسربل وتالقان في الشمال سقطت بفارق بضع ساعات بين عاصمة ولاية وأخرى اليوم الأحد.
وتحدث أحد سكان قندوز عن "حالة فوضى تامة" تعم المدينة.
وأكدت طالبان في بيان "بعد قتال شرس سيطر المجاهدون بفضل الله على عاصمة (الولاية) قندوز". وأضافت "سيطر المجاهدون أيضا على مدينة ساري بول بما في ذلك المباني الحكومية وكافة المنشآت فيها".
وفي وقت لاحق، من اليوم الأحد، أكدت الحركة على تويتر أنها سيطرت على تالقان، عاصمة ولاية تخار.
وقالت باروينا عظيمي، الناشطة المدافعة عن حقوق المرأة في ساري بول، لوكالة فرانس برس عبر الهاتف أن مسؤولي الحكومة والقوات المتبقية انسحبوا إلى ثكنات تقع على بعد نحو ثلاثة كيلومترات عن المدينة.
وأفاد عضو في مجلس الولاية يدعى محمد حسين مجاهدزاده، بأن طالبان "حاصرت" المجمّع.
وجاء بعدها دور تالقان الأحد إذ قال أحد قاطنيها ويدعى ذبيح الله حميدي لفرانس برس عبر الهاتف إنه شاهد قوات الأمن والمسؤولين يغادرون المدينة في قوافل.
وأكد مصدر أمني لفرانس برس "انسحبنا من المدينة بعد ظهر اليوم إثر فشل الحكومة في إرسال المساعدة. باتت المدينة للأسف بالكامل في قبضة طالبان".
وتعد قندوز أهم مكسب تحققه طالبان منذ شنت هجوما في أيار/مايو مع بدء القوات الأجنبية آخر مراحل انسحابها من البلاد.
ولطالما كانت هدفا بالنسبة لطالبان التي اجتاح مقاتلوها المدينة في 2015 ومرة أخرى في 2016، لكن من دون أن ينجحوا يوما في السيطرة عليها لمدة طويلة.
وأكدت وزارة الدفاع أن القوات الحكومية تقاتل لاستعادة المنشآت الرئيسية.
وذكرت في بيان أن "قوات خاصة أطلقت عملية تطهير. تم تطهير بعض المناطق بما في ذلك مباني الإذاعة والتلفزيون الوطنيين من عناصر طالبان الإرهابيين".
وأفاد الناطق باسم الوزارة ميرويس ستانكزاي في وقت لاحق أنه تم نشر تعزيزات تشمل قوات خاصة في ساري بول وشبرغان.
وأضاف "ستتحول هذه المدن التي تريد طالبان السيطرة عليها إلى مقابرها".
وتعد قدرة كابول على السيطرة على شمال البلاد حاسمة بالنسبة لاستمرار الحكومة على الأمد الطويل.
ولطالما اعتبر شمال أفغانستان معقلا مناهضا لطالبان شهد مقاومة كانت الأشد لحكم الحركة في تسعينات القرن الماضي.
ولا تزال المنطقة تؤوي العديد من الميليشيات فيما تعد أرضا خصبة لتجنيد عناصر القوات المسلحة.
وأفاد المستشار لدى مجموعة الأزمات الدولية إبراهيم ثوريال بأن "السيطرة على قندوز مهمة للغاية إذ إنها ستخفف الضغط عن عدد كبير من قوات طالبان ليكون من الممكن حشدهم في أجزاء أخرى من الشمال".
وانتشرت تسجيلات مصورة للمعارك نهاية الأسبوع تضمنت مشاهد لإطلاق سراح العديد من السجناء في المدن التي تمت السيطرة عليها.
وتستهدف طالبان السجون عادة لإطلاق سراح المقاتلين المحتجزين وبالتالي تعزيز صفوفها.
سيطرت الحركة الجمعة على أول عاصمة ولاية في أفغانستان هي زرنج في نيمروز عند الحدود مع إيران، وانتزعت في اليوم التالي شبرغان في ولاية جوزجان الشمالية.
ضربات جوية أمريكية
وأفادت تقارير عن وقوع معارك على أطراف هرات (غرب) ولشكركاه وقندهار (جنوب).
وشكّلت وتيرة التقدّم الذي حققته طالبان مفاجأة للقوات الحكومية لكن عناصرها تلقوا جرعة دعم في وقت متأخر السبت بعدما قصفت مقاتلات أمريكية مواقع طالبان في شبرغان.
وصرحت المتحدثة باسم القيادة المركزية ماجور نيكول فيرارا لفرانس برس في واشنطن "نفّذت القوات الأميركية عدة ضربات جوية دفاعا عن شركائنا الأفغان في الأيام الأخيرة".
وتعد شبرغان معقلا لأمير الحرب السابق عبد الرشيد دوستم الذي أشارت تقارير إلى أن عناصر ميليشياته انسحبوا إلى جانب القوات الحكومية باتّجاه المطار.
وأشرف دوستم على إحدى أكبر الميليشيات في الشمال واكتسب سمعة كشخصية يهابها كثيرون عندما قاتل طالبان في تسعينات القرن الماضي، فيما اتّهمت قواته بارتكاب مجازر بحق آلاف سجناء الحرب المنتمين إلى المتمّردين.
ومن شأن أي تراجع لمقاتلين أن يقلّص آمال الحكومة مؤخرا في قدرة الميليشيات على مساندة جيش البلاد الذي يعاني من ضغط شديد.
ولم تدل الحكومة بكثير من التصريحات بشأن سقوط عواصم الولايات، باستثناء تعهّدها استعادتها.
ونزح مئات آلاف الأفغان جرّاء المعارك الأخيرة فيما قتل 12 شخصا السبت عندما أصابت قنبلة زرعت في جانب الطريق حافلتهم أثناء محاولتهم الهرب من غارديز في ولاية باكتيا.
ومن المقرر ان تستكمل القوات الأجنبية انسحابها بحلول نهاية الشهر الجاري، قبيل الذكرى الـ20 لهجمات 11 أيلول/سبتمبر في الولايات المتحدة والتي أدت إلى الاجتياح الذي أطاح طالبان.