وفي تقرير أعده ميهول سيرفاستافا من لندن، قال إن نفتالي بينيت، وكان وزيرا للدفاع في حينه، جاء بفكرة في ذروة انتشار فيروس كورونا: “لنترك شركة إنتاج برامج التجسس (إن أس أو) تتولى مهمة متابعة حركة المواطنين”. ولم تلق الفكرة من الرجل الذي أصبح رئيسا للوزراء دعما كبيرا، لكنها تكشف عن العلاقات القوية للشركة التي شجبتها منظمات حقوق الإنسان والناشطين لبيعها برامج عسكرية متقدمة للأنظمة القمعية، مع قمة المؤسسة الحاكمة في "إسرائيل".
ولكن برنامج بيغاسوس الذي يحتاج تصديره لترخيص من الحكومة، لتصنيفه كمنتج عسكري، أصبح في السنوات الأخيرة جزءا مهما محاولات إسرائيل التواصل الدبلوماسي مع دول عربية. وهو دور بدا واضحا في عمليات التسريب التي نشرها تحالف من الصحف، وتم فحص ظهوره في هواتف 37 صحافيا وناشطا ومحاميا. ويحوّل البرنامج الهواتف، خلسة، إلى أجهزة تنصت ويفكك محتوياتها المشفرة.
وقال إيتاي ماك، المحامي الصهيوني في مجال حقوق الإنسان: “استخدمت إسرائيل منذ الخمسينات صفقات الأسلحة لتحقيق مكاسب دبلوماسية، وما تغيّر هو اسم الدول فقط”. وأضاف إيتاي الذي عمل لسنوات من أجل سحب ترخيص “أن أس أو”: “السؤال هو فيما إن حدث تغير على سياسة الترخيص”. وفي الوقت الذي أحدثت فيه التسريبات شجبا دوليا، إلا أن النقد داخل الكيان كان صامتا.
وقال النائب يائير غولان، وهو أيضا نائب قائد الجيش الإسرائيلي سابقا إن “التقارير الإخبارية تبدو مغرضة وبدوافع تجارية”، وكان يتحدث في مقابلة تلفزيونية مدافعا عن “أن أس أو”: “ليست أن أس أو هي الوحيدة التي تفعل هذا”. وقالت وزارة الدفاع التي تصدر تراخيص تصدير البرنامج إنه “يتم اتخاذ الإجراءات المناسبة” في حال ثبتت انتهاكات لرخص التصدير.
ونفى المؤسس المشارك والمدير التنفيذي للشركة، شاليف هوليو، ما نشره تحالف الصحف عن أن برنامج “أن أس أو” استُخدم لملاحقة أفراد في المجتمع المدني وقادة المعارضة وأشخاص لا علاقة لهم بالجريمة أو الإرهاب. وفي تصريحات لفايننشال تايمز، قال: “نزعم بوضوح أنه لا يوجد أهداف لاحقها بيغاسوس أو أهداف مختارة ليلاحقها. ولا علاقة لهذا بأي زبون من زبائننا أو تكنولوجيا أن أس أو”، وتعهد بإغلاق أنظمة العملاء لو ثبت أنها اخترقت أجهزة تعود للصحافيين وأفراد المجتمع المدني. وقالت “أن أس أو” في الماضي إنها لا تستطيع الحصول على قائمة أهداف العملاء. وقال إن الشركة سألت كل واحد من عملائها بشكل منفصل كي تتوصل إلى هذه النتيجة.
وتقول فايننشال تايمز، إنتل أبيب قامت في السنوات الأخيرة، وفي محاولة لدفع دول في الخليج الفارسي مثل الإمارات والسعودية والبحرين لتحسين العلاقات الثنائية معها بعرض التعاون الأمني السري في الموضوعات المشتركة مثل الإخوان المسلمين وإيران. ومع نمو العلاقة، تتبعت منظمات مثل أمنستي وسيتزن لاب في تورنتو حالاتٍ متزايدة تم فيها اختراق هواتف صحافيين وناشطين في منطقة الخليج الفارسي.
وقال شخص على علاقة بمحاولة الترويج لمنتجات “أن أس أو” في الخليج الفارسي: “إنها مثل اللعبة التي كان يبحث عنها كل ضابط استخبارات. أعجبتهم العروض لأنها من "إسرائيل"”. وفي السياق نفسه، تم توثيق الهجمات باستخدام بيغاسوس على ناشطين في هنغاريا والهند ورواندا، حيث حاول رئيس وزراء الإحتلا السابق بنيامين نتنياهو توثيق علاقاته مع حكومات اليمين المتطرف.
وظلت تل أبيب تتجاهل الدعوات المستمرة من المقرر الأممي لحرية التعبير، ومنظمات أخرى لكي تتضمن بند تعليق في صفقات بيع برنامج التجسس ووضع تنظيمات مشددة. ونفي المدير التنفيذي لـ”أن أس أو” أن تكون الحكومة الإسرائيلية استخدمت منتجات الشركة كورقة نفوذ في الخارج. وقال هوليو: “نحن لسنا أداة في دبلوماسية الحكومة الإسرائيلية، نحن شركة تجارية والأسهم فيها هي أسهم خاصة في بريطانيا” في إشارة إلى نوفالبينا كابيتال، مضيفا: “هذه الاتهامات مجرد نظريات”.