هذه هي السنة الثانية التي يحرم فيها بلاء الجائحة، ولربّما بلاء السياسات الحاكمة على أرض الحرمين الشريفين، أعين المؤمنين التوّاقة من أن تشاهد رمز الوحدة للأمة الإسلامية وعظمتها ومعنويتها. من المهم أن يبقى الحج في تكوينه الحقيقي حيًا في قلب كل مسلم وروحه.
الحج عبادة مليئة بالرموز والأسرار. إنه من جهة يرتقي بقلوب العباد إلى عروج معنوي بالذكر والتضرّع والخشوع، فيقرّبهم من الله سبحانه، وهو من جهة أخرى وبما يفرضه من ملبس موحّد ومسيرة موحّدة وحركات متناسقة يوثّق الارتباط بين الإخوة القادمين من كل أنحاء العالم؛ كما يبين عزم الأمة وعظمتها أمام من لا يضمرون خيرًا لها.
إن شعوبنا وشبابنا وعلماءنا الدينيين والأكاديميين، والمثقفين المدنيين والسياسيين والأحزاب والجمعيات يتحملون جميعهم مسؤولية النهوض ليتلافوا ما اعترى ماضينا من صفحات مخجلة خالية من أي افتخار، و«يقاوموا» تعنّت القوى الغربية وتدخلها وشرورها.
بيت القصيد في خطاب الجمهورية الإسلامية، الذي يثير قلق عالم الاستكبار وغضبه، هو الدعوة إلى المقاومة، وهي المقاومة في وجه تدخل أمريكا وشرورها، هي وغيرها من القوى المعتدية، حتى يمسك العالم الإسلامي بيده الزمام لأمور مستقبله مستندًا إلى تعاليم الإسلام ومعارفه، كما أنّ انسياق بعض حكومات المنطقة مع هؤلاء هو واقع مرّ يساعد بدوره على استمرار تلك الشرور.
الصراط المستقيم الذي ترسمه مناسك الحج إنما هو التوكل على الله والتوجه نحو قدرته التي لا تزول، والثقة الوطنية بالذات، والإيمان بالسعي والمجاهَدة، والعزم الراسخ على الحركة، والأمل الكبير بالنصر.