عندما وقف الرسول, واوقف المسلمين, ليعلن عن ساعة الوداع, ولحظات الوداع غالبا تكون ذات نكهة خاصة وذات طعم لا ينسى, في تلك الساعة بلّغ الرسول صلى الله عليه وآله ما انزل اليه من ربه, في ذلك الوقت اعلن ان علي بن ابي طالب خليفته ووصيه ووارثه, اذ وقف في مكان مرتفع حتى يراه جميع الناس ويسمعوه, فحمد الله واثنى عليه ثم قال: ايها الناس: يوشك ان أُدعى فاجيب واني مسؤول, وانكم مسؤولون, فماذا انتم قائلون؟ قالوا: نشهد انك قد بلّغت وجاهدت ونصحت, فجزاك الله خيرا. فقال أليس تشهدون ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله... وان جنته حق, وان ناره حق, وان الموت حق, وان البعث حق بعد الموت، وان الساعة آتية لاريب فيها وان الله يبعث من في القبور؟
قالوا: نشهد بذلك, قال: اللهم اشهد. ثم قال:ايها الناس ان الله مولاي, وانا مولى المؤمنين, وانا اولى بهم من انفسهم فمن كنت مولاه, فهذا علي مولاه, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه, واكمل الرسول خطبته ثم نزل وصلى ركعتين, فاذن مؤذنه للظهر, فصلى باصحابه ثم جلس في خيمته, وأمر عليا ان يجلس في خيمة له. فأمر المسلمين ببيعته في الخلافة.
وهكذا مارس الرسول صلى الله عليه وآله مامن شأنه ان يحفظ مستقبل الرسالة الاسلامية, باعتباره رسولا نبيا, امره الله تعالى ان يعلن لأهل الارض كلهم حاضرهم وغائبهم, ذكرهم وانثاهم, كبيرهم وصغيرهم. وان يعلن للاجيال التالية جيلا بعد جيل. وان يخاطب الدنيا كلها حتى آخر لحظة من الحياة ان عليا خليفته ووصيه ووارثه وانه الامام من بعده.
وقال في آخر لحظة من حياته: (آتوني بدواة وقرطاس, اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعدي ابدا). وهكذا خطط الرسول لمستقبل الامة وضمان وحدتها. ونزلت هذه الآية المباركة في يوم الغدير(اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا). فما اعظم هذا اليوم, واية فرصة اكبر من لقاء الرسول الاعظم مع مائة وعشرين الف من المسلمين على بساط الحدث الفريد لجمع كلمة المسلمين وتوحيد صفوفهم.